نشأت ˮمدرسة الإسكندريّة“ كفكرة، في عام 2008، من خلال تعاون ما بين الأب سارافيم البرموسي (دير السيدة العذراء برموس) والقس مرقص داود (كنيسة مارجرجس سبورتنج). كان الهدّف المرحلي وقتها هو تأسيس دورية أكاديميّة مسيحيّة تُعَبِّر عن الفكر اللاهوتي الأرثوذكسي المستند على عدّة أعمدة متكاملة فيما بينها. لذا كانت الدراسات الكتابيّة والدراسات الآبائية والدراسات الليتورجيّة هي النواة لبدء هذا العمل حتى يمكن الخروج بتصور لاهوتي شامل، غير مبتور، ولا يستند على عمود معرفي من دون الآخر. وحال الشروع في العمل بدأ فريق العمل يجتمع والذي كان يضم بشكل أساسي؛ المهندس رفيق عادل والأستاذ ريمون يوسف (القس لوقا يوسف). بدأ التواصل مع المهتمين بالدراسات الأكاديميّة في الإطار الذي تمّ الاتفاق عليه من منهجيات. كان أحد أهداف هذا العمل هو خلق مجتمع علمي يحدث فيه تواصل ما بين المهتمين بنفس الفرع المعرفي، من جهة، والمهتمين بفروع معرفيّة مسيحيّة أخرى، من جهة أخرى، حتى يمكن أن يتم التواصل ما بين تلك الدراسات المتنوعة في حلقات لاهوتيّة مترابطة فيما بعد. أيضًا، كان أحد الأهداف الرئيسة في ذلك الوقت هو ربط الشباب من المهتمين بتلك الدراسات مع المتخصصين حتى يتدربوا على آليات إخراج الدراسات الأكاديميّة للنور حسب ما هو متّبع في الجامعات الكبرى.
صدرت ˮمجلة مدرسة الإسكندريّة“ في عددها الأوّل من عام 2009 – بواقع ثلاثة أعداد سنويًّا (الآن تصدر المجلة مرتين في العام) – وقد افتتح مقالاتها القمص تادرس يعقوب ملطي بمقال عن الكرازة ومدرسة الإسكندريّة. شارك في العدد الأوّل الأب مقار البرموسي (نيافة أنبا مقار)، الأب هرمينا البرموسي (نيافة أنبا هرمينا)، الأب سارافيم البرموسي، الدكتور ماجد صبحي (القس باسيليوس صبحي)، الأستاذ ريمون يوسف (القس لوقا يوسف)، الدكتور مجدي رشيدي (القس غريغوريوس رشيدي)، الدكتور جورج عوض، الدكتور سامح فاروق. وقد عُقِدَ اللقاء الأوّل للمجلة بدير السيدة العذراء برموس وقد حضره الكتّاب فضلاً عن العديد من المهتمين بالدراسات اللاهوتيّة بشكلٍ عام في حضور أبونا تادرس يعقوب.
توالى صدور الأعداد ونشر الدراسات والترجمات والتي وصلت إلى ما يقارب المائتين والستين دراسة وترجمة جديدة على المكتبة العربية، شارك فيها ما يربو من الأربعين كاتبًا. وفي عام 2013 بدأت مدرسة الإسكندريّة في إصدار الكتب المتخصِّصة والترجمات في مختلف المجالات المسيحية.
يقوم بالإشراف على الأقسام البحثيّة في المدرسة: الأب سارافيم البرموسي والأب لوقا يوسف والدكتور صموئيل معوّض والمهندس رفيق عادل والمهندسة كرستين فوزي.
في عام 2014 بدأت شراكة أكاديميّة بين كلية القديس كيرلس في الولايات المتّحدة الأمريكيّة وبين مدرسة الإسكندريّة وكان باكورة التعاون هو إصدار The Alexandria School Journal وهي دوريّة باللّغة الإنجليزيّة وتهدف إلى تقديم اللاّهوت الأرثوذكسي بشكل متكامل ومتخصّص للعالم الغربي.
ومن الجدير بالذكر أنّ قداسة البابا تواضروس الثاني قد أفرد افتتاحية كاملة من مجلة الكرازة للتعريف بالمجلة ودورها الهّام في التأصيل للمفاهيم الإيمانيّة.
والآن توزع المجلّة بشكل منتظم على أعضاء المجمع المقدّس للكنيسة القبطيّة من الآباء المطارنة والأساقفة، فضلاً عن توزيعها على الآباء الرهبان بالعديد من الأديرة القبطيّة وكذلك العديد من مجامع الآباء الكهنة في إيبارشيات متنوعة، وأيضًا المهتمين بهذا النوع من الدراسات سواء داخل مصر أو خارجها.
وفي نوفمبر 2015 تم انشاء دار نشر ومؤسسة تعليمية باسم ˮمدرسة الإسكندريّة“، وأصبح للمدرسة مقر في (3 شارع الفاطميين، متفرع من عمر بن الخطاب، ميدان الإسماعيلية، مصر الجديدة، القاهرة). وتم انشاء مكتبة لبيع الكتب حتى يمكن توفير المواد العلميّة بأسعار مقبولة للدارسين، كما تم الاتفاق مع كلية القديس كيرلس على توفير محرك بحثي في مقر المدرسة، من خلاله يمكن لأي دارس من أعضاء المدرسة الحصول على أحدث الدراسات في مختلف المجالات المعرفية مجانًا. كما بدأت المدرسة في تنظيم لقاءات وكورسات ومحاضرات باللغتين العربية والإنجليزية وذلك حتى تكتمل الدائرة بالتفاعل مع المتخصصين في المجالات المتنوعة.
إلاّ أنّ الرؤية الأكبر والأشمل للمدرسة هي أن تسهم المعارف اللاهوتية في تخليق مسيحي أكثر وعيًّا؛ على المستوى الرأسي في علاقته بالله، وعلى المستوى الأفقي، في علاقته بالآخرين في الكنيسة والمجتمع والحياة بشكل عام. لذا كان الشعار للعام (2015-2016) هو ˮمعًا .. وعي من أجل الحياة“. فالمدرسة معنية أولاً وأخرًا بالشهادة لملكوت الله وهي تستخدم الأدوات المتنوعة من أجل تحقيق تلك الشهادة بشكل فعَّال.